الخميس، 8 ديسمبر 2011

مسلمون في أمريكا



"أول شيء ذُكر عن دخول الإسلام للولايات المتحدة الامريكية انه دخل في القرن السادس عشر الميلادي، وكان أول مسلم هو ايستفانكو اوف اذامورا، وهو عبد مسلم بربري من شمال افريقيه، جاء كمستكشف لمنطقتي اريزونا ونيو مكسيكو لصالح الامبراطورية الإسبانية تحت راية المستكشف الفريز دي فاكا 1539م" (ويكيبيديا). وحسب قناة NBC فإن عشرين ألفاُ يعتنقون الإسلام سنوياً في أمريكا. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المسلمين في أمريكا يصل إلى 7 ملايين في هذا البلد البالغ عدد سكانه نحو 300 مليون نسمة، وأن 59% منهم لديهم شهادة جامعية، وواحد من كل ثلاثة مسلمين لديه دخل أكثر من 75 ألف دولار أمريكي، وأكبر جالية إسلامية هناك في ولاية ميشيغان. والآن هناك عضو مسلم في الكونجرس اسمه "كيث إليسون"، وقد أدى القسم على القرآن الكريم.

في الولايات المتحدة نشاط جميل ومتزايد للمسلمين، ومعه ينتشر الإسلام أكثر وأكثر، ودائماً ما أدعو الله أن يعز الإسلام بأمريكا. إن من أجمل تجاربي التي تحصلت عليها من ابتعاثي للولايات المتحدة هي مشاهدتي للنشاط الإسلامي هناك، لقد أحسست بفخر لا يوازيه فخر. في كل مكان تجد مسجداً ولله الحمد، والتبرعات بمبالغ خيالية، كل يعمل والقبول من الله. هناك اكتشفت أننا نحقر أقواماً هم أشد حرصاً وهماً على الدين، مظهرهم غير متدين، لكن قلوبهم طاهرة، ينفقون، ينظفون المساجد، ويدرّسون الدين واللغة العربية للأطفال، وجدتهم لا يدّخرون جهداً خدمةً لهذا الدين وأهله، لقد تعلمت أن الدين ليس مظهراً. وبطبيعة الحال المسلمون هناك ليسوا ملائكة، وفيهم ما فيهم من تقصير يطالنا جميعاً، ولكني أود التركيز من خلال هذا المقال على  مشاهداتي عن النشاط الإسلامي هناك، فقد  سنحت لي الفرصة أن أرى هذا النشاط في ولايات عديدة كان أولها وأهمها ولاية منيسوتا.

في منيسوتا جالية إسلامية كبيرة، وقد تم جمع 3 ملايين دولار لإنشاء مجمع إسلامي، يضم جامعاً كبيراً، ومدارس إسلامية، وملاعب، وباقي الأرض ستباع على المسلمين ليسكنوها. وفي منيسوتا أيضاً تلقيت دعوة كريمة من الدكتور/ حمدي الصواف -استاذ الهندسة في جامعة منيسوتا- لزيارة مسجد جديد كلف ترميمه 700 ألف دولار، حيث كان معبداً بوذياً، دور هذا الرجل منذُ 30 عاماً تأسيس المساجد، فهو يبحث عن المواقع المناسبة، يجمع المبلغ المطلوب، ثم يقوم بتجهيزه ليصبح مسجداً تضم مدرسة داخلها، وأخيراً يسلمه لمن يثق به ليبدأ رحلة البحث عن موقع جديد. سـألته عن الصعوبات التي تواجههم فذكر أنه لا يوجد صعوبات ولله الحمد، فالأموال متوفرة من فاعلي الخير، والسلطات الأمريكية متعاونة معهم في مسألة تأسيس المساجد، وحكى لي كيف يتسابق جيران المسجد على خدمته وتنظيفه، وقد كانت زيارتي في عز الشتاء، والثلوج تغطي المكان، فكانوا يخرجون يومياً لينظفوا الممرات ومواقف السيارات دون أن يأمرهم أحد. كما أن هناك جامعاً كبيراً تقام فيه صلاة الجمعة مرتان بسبب الزحام، وفيه جامعة إسلامية (في وقتي تخرجت منه طالبة بدرجة الماجستير).

وفي منيسوتا أيضاً مسجد آخر يضم مغسلة أموات وبقربه مقبرة إسلامية، أسسها أحد الإخوة المصريين منذ عشرين عاماً بعد أن توفيت ابنته ولم يجد مكاناً ليغسلها ويدفنها. كما كان يوجد مصلى للمسلمين في جامعة سانت ثوماس، طالب به الطلاب المسلمون هناك، ووافقت الجامعة. وحسب علمي أن في التوين ستي (منيابليس وسانت بول -العاصمة-) 28 مسجداً حتى الآن، فلله الحمد والمنه، في هذه المساجد (باستثناء مسجد الجامعة) فصول دراسية يومي نهاية الإسبوع، يتعلم فيها الطلاب والطالبات القرآن الكريم، والسنة النبوية، واللغة العربية.

سنوياً يقام مهرجان ضخم في ساحة الاحتفالات، ويستقطب الكثير من الزوار من داخل الولاية والولايات المجاورة، فكان هناك فكرة جميلة قام بها إخوة هنود بتأسيس موقع إلكتروني للتعريف بالإسلام، وفيه محادثة مباشرة لمن لدية أسئلة او استفسارات حول الإسلام، فقاموا بطباعة كمية كبيرة من البطاقات التي تحمل اسم الموقع ونبذة عنه، وطلبوا المشاركة في الاحتفال، وخصص لهم مكان قرب بوابة الدخول، وتواجد بعض رجال الشرطة بالقرب منهم تحسباً لأي اعتداءات (والتي لم تتم بحمد الله)، وبحسب أحد الإخوة السعوديين الذي شارك معهم، فقد كان التجاوب كبيراً من الأمريكيين، ومعظمهم أخذ البطاقة بامتنان، ولم يكتفوا بذلك، بل أبلغوا وسائل الإعلام المحلية بالحدث، وقد قامت بعضها بتغطيته وبثه على قنواتها.

وفي لاس فيجاس، أخر مكان تتخيل أن تجد فيه مسجداً، بحثت عابثاً عن مسجدٍ في موقع (الباحث الإسلامي islamicfinder.org)، وكانت المفاجأة أن النتيجة خمسة مساجد!، ذهبت لأقربها، وكان مسجداً جميلاً بني بأيدي المسلمين هناك، وقد غص بالمصلين، وخطب بنا خطيب مغربي خطبة عصماء لم أنسها حتى الآن عن وجوب إظهار المسلم فخره بكونه مسلماً. ذلك الشيخ رحب بي بحرارة بعد أن علم أني من السعودية، وأخبرني أنه درس على أيدي عدد من علماء المملكة. قالي لي: أن الجالية المسلمة هنا جيدة، وهم ينقسمون إلى قسمين، قسم أطباء ومهندسون يعملون في مستشفيات وشركات المدينة، والقسم الأخر يعملون في المطار والمطاعم ومحطات الوقود. ثم زرت مسجداً آخر فوجدت الشيخ إدريس (من غانا)، وهو خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأخذني في جولة في المسجد الملاصق تماماً لكنيسة، وذكر لي أن أهل المسجد استقدموه ليؤمهم، ويدرسهم القرآن والسنة واللغة العربية، ولديه فصول للكبار وأخرى للصغار، وأخبرني انهم بصدد شراء الكنيسة المجاورة بعد أن ضاق المسجد عليهم، وقد جمعوا تقريباً المبلغ المطلوب، وأن أكبر تبرع تلقوه كان من الملاكم مايك تايسون ب 250 ألف دولار. كما أخبرني أن أكبر مسجد في المدينة اسمه "الجامع"، وقد بناه مواطنٌ سعوديٌ بتكلفة مليوني دولار.

وفي فلوريدا؛ وتحديداً في أورلاندو، زرت مسجداً جميلاً بقبة ومنارة، وبجانبه مدرسة إسلامية، كان جميلاً أن حضرت موعد خروجهم، فرأيت فتيات صغيرات بعمر الزهور وقد تزينّ بالحجاب، وأولاداً ترى فيهم مستقبل الإسلام بإذن الله، كان منظراً جميلاً رؤية هذا العدد الكبير من المسلمين في مكانٍ واحد، مع تمسكهم بالزي الإسلامي.

إن المساجد في أمريكا ليست فقط للصلاة، فهي تذكرني بدور المسجد في عهد المصطفى عليه الصلاة والسلام، ففيه يصلون، يجتمعون، يحتفلون، ينشرون الإسلام، ويدرسون الدين. وما يبرز الإسلام هناك أنه يمارس فعلياً، بينما الكنائس هناك شبه مهجورة، بالرغم من أن معظم الأمريكيين يدينون بالمسيحية، بل إن كثيراً منها معروض للبيع، وقد تم  بالفعل شراء أكثر من كنيسة وتحويلها إلى مساجد. لكن يظل إخواننا هناك بحاجة دائمة للمصاحف والكتب الدعوية باللغتين العربية والإنجليزية، وهي بالفعل أكثر طلباتهم، وأضعف الإيمان أن تؤمن لهم المملكة، لما لها من مكانة وقصب سبق في مجال الدعوة، هذه المصاحف والكتب عن طريق المنظمات الإسلامية والسفارة السعودية هناك.



هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

اللهم انصر الإسلام والمسلمين

معلومات جميلة بحق ، نحتاج الى هذه الإحصائيات والمعلومات لتعزز ايماننا

شكراً لك من القلب يا" قدوتي "

نتمنى أن تتكلم عن عادات الشعب الأمريكي

ننتظر جديدك

غير معرف يقول...

كلام جميل ومعلومات قيمه وجهود جباره تشكر عليها اللهم اعز الاسلام والمسلمين بصراحه ماكنت متوقعة هذا الاهتمام باالدين الاسلامي في بلد كأمريكا فلله الحمد من قبل ومن بعد مزيدا من هذه التقارير المفيده بارك الله فيك
اقبال القاضي

غير معرف يقول...

طرح جميل ومعلومات تثلج الصدر
وفقك الله أخي فهد لكل خير،
(بأمثالك يُفتخر بهم)

غير معرف يقول...

طرح جميل

لم اكن اتوقع تسامح الحكومة الأمريكية مع الديانات الاخرى
و لكن هل نحن نبادلهم هذا التسامح هنا في السعودية! !

فهد عبدالله العليان يقول...

شكراً لكل من شرفني بالقراءة والتعليق