السبت، 29 يونيو 2013

دور العمل التطوعي في تحفيز الجهات الحكومية: سعوديون في أمريكا والملحقية الثقافية كمثال!

في مملكتنا الحبيبة دور الجهات التطوعية ضعيف جداً، وأحد أهم أسباب ذلك هو صعوبة تأسيسها لوجود أنظمة معقدة للسماح بمثل تلك الجهات بالعمل، والأصعب منه هو قيام النقابات بكافة أشكالها، والمتتبع للوضع في المملكة يدرك بما لا يدع مجال للشك أن لدينا قصور واضح في الأداء الحكومي لأسباب متعددة، ولكني أود هنا أن أركز على سبب مهم ومتجاهل تماماً هو غياب الجهات التطوعية التي تقوم بمساعدة الجهة الحكومية لتقديم الخدمات، وهو ما يخفف من حجم المشكلة، ودورها أيضاً في تحفيز تلك الجهة الحكومية لإصلاح أخطائها، بل وتقديم نموذج عمل من الممكن أن تستفيد منه تلك الجهات الحكومية. هناك استثناءات قليلة حيث يتواجد العمل التطوعي جنباً إلى جنب مع العمل الحكومي مثل المؤسسات والجمعيات الخيرية ودورها في رعاية الفقراء والأرامل والأيتام وهو ما يساعد وزارة الشؤون الإجتماعية في أداء عملها.
ولكي تتضح الصورة أكثر سأسوق هنا تجربة سعوديون في أمريكا مع الملحقية الثقافية السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية. ففي بداية برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث الخارجي عام 2005 كان هناك مشكلة حقيقية وهي أن عدد موظفي الملحقية لا يوازي الزيادة الهائلة في أعداد المبتعثين ولذلك أصبح هناك خلل واضح في أداء الملحقية، ولكثير من الطلاب تجارب مريرة مرت بهم خلال فترة دراستهم، لكن مع الوقت زادت أعداد الموظفين وتحسنت الخدمات وأنشأت أخيراً وزارة التعليم العالي نظام البوابة الإلكترونية لتنقذ الموقف المتأزم، ولكن خلال تلك الفترة وتحديداً منذ عام 2008 خرجت سعوديون في أمريكا كمنظمة طلابية تطوعية تُعنى بمساعدة المبتعثين في الولايات المتحدة كمحاولة من مؤسسيها بأن لا يمر الطلاب الجدد بنفس معاناتهم هم. وقد كانت تجربة سعوديون في أمريكا مبهرة بحق وأكملوا عامهم الخامس وهم الآن أكبر منظمة طلابية سعودية وعدد متابعيها على كافة وسائل التواصل الاجتماعية تجاوز الـ 170 ألف، وموقعهم تتجاوز زياراته الشهرية الـ 100 ألف زائر. المهم الآن ما هو تأثير سعوديون في أمريكا على الملحقية؟
أصبحت سعوديون في أمريكا جهة "شبه" رقابية على عمل الملحقية، وجهة تستطيع توجيه انتقادات "ناعمة" لعمل الملحقية على الرغم من أن كافة اعضائها طلاب، وهم "تقنياً" تحت مظلة الملحقية كطلاب، وهو ما يعطي الملحقية الفرصة لمحاولة التأثير عليهم، لكن ورغم ذلك لم يثني ذلك القائمين على هذه المنظمة من أن يبذلوا جهدهم في خدمة الطلاب وإجابة الإستفسارات التي تدور في مخيلة أي طالب جديد سيذهب للمرة الأولى للولايات المتحدة، وتجهيز موقع متكامل فيه الكثير من الخدمات ومحركات البحث، ونشر شبكة مندوبين في أغلب المدن الأمريكية من الطلاب المتطوعين لمساعدة الطلبة الجدد. هذا النجاح بحد ذاته شكل ضغط على الملحقية حيث أصبح بعض الطلاب يصرّحون بأن عمل سعوديون في أمريكا أفضل من عمل الملحقية، وإذا واجهوا مشكلة فإنهم يتوجهون لها وليس للملحقية لطلب المساعدة.
وهذا النجاح حفز الملحقية لإصلاح أخطائها ومحاولة تقديم خدمات أفضل للطلاب، والواقع يفرض علينا الإنصاف وأن نقول أن عمل الملحقية الآن تحسن بشكل كبير، وهم يحاولون أن يتواصلوا مع الطلاب الآن كما تفعل سعوديون في أمريكا، حيث وجدت الملحقية نموذج ناجح أمامها فاستنسخته حرفياً من خلال صفحة لها على الفيسبوك وتويتر، بل حتى على الانستقرام وكيك، وأصبحت الملحقية تنشر أخبار الصحف الخاصة بالمبتعثين، وبدأت في تغطية أخبار الأندية الطلابية ونشاطاتهم، والأهم أنهم بدأو أخيراً في إجابة الطلبة على استفساراتهم. لم تستطع الملحقية في البداية من القيام بذلك لوحدها حتى في وجود النموذج الناجح أمامها، فاستقطبت عضوتين من أعضاء سعوديون في أمريكا لكي يساهمن في نقل التجربة واحترافية العمل.
واليوم سعوديون في أمريكا أطلقت مشروعها الضخم عن الجامعات الأمريكية والذي يسهل على الطالب التعرف بنفسه على كل التفاصيل حول الجامعة ومتطلباتها وحالتها إن كانت مغلقة أو مفتوحة، كما يتيح له التواصل مع إدارة القبول في تلك الجامعات مباشرة، وعمل مقارنة بين أكثر من جامعة. وأنا على ثقة أن مثل هذا العمل الجبار ستستنسخة الملحقية الثقافية مستقبلاً مثل سابقاتها، وسيكون الرابح الأكبر في ذلك هو الطالب.

أتمنى أن يتم تعميم ونشر فكرة سعوديون في أمريكا على كافة القطاعات الحكومية لتحفيزها، فمن يعملون في تلك المنظمات التطوعية أشخاص يحبون عملهم ولذلك سيبدعون ولو كان ذلك من غير مقابل مادي، فهدفهم الأجر والمثوبة من رب العالمين، كما أن هذه المنظمات أيضاً تُخرّج كفاءات تستطيع تلك الجهات الرقي بعملها من خلال استقطابهم.

الخميس، 6 يونيو 2013

العلاقات السعودية الإيرانية.. لنداوها بالتي كانت هي الداء..!


من يستحضر تاريخ العلاقات السعودية الإيرانية لن يجد إلا فترات قصيرة كانت العلاقات بينهما "مقبولة"، في المجمل كانت إيران عدوة تحت مسمى "شقيقة"، لكن الأهم أن المملكة وعلى كل ما قامت به إيران لم تتخذ أي خطوة حقيقة وملموسة ضدها!
إيران لم تنسى يوماً الدعم السعودي للعراق في حربها مع العراق والتي استمرت منذ عام 1980 حتى عام 1988م، وقد أثارت ولسنوات الفوضى في موسم الحج، أنشأت خلايا في شرق المملكة سُميت حزب الله السعودي، كانت خلف تفجيرات الخبر، لأكثر من مرة يتم القبض على خلايا تجسسية إيرانية في المملكة، تم الإعتداء على القنصلية السعودية في إيران، والتورط في التخطيط لعملية اغتيال السفير السعودي في واشنطن. بالتأكيد ان هذا غيض من فيض، ولكن السؤال وبعد كل هذا، ماذا فعلنا لمجابهة هذه العدوانية الإيرانية.
اسئلة كثيرة أطرحها ولا أجد لها جواب، هل ننتظر إيران حتى تعوث بنا فساداً لكي نرد عليهم! لست اتحدث هنا عن مواجهة عسكرية، فالجميع يعلم ان ميزان القوى في صالحهم، ولكني اتحدث عن حرب من نوع آخر، حرب من جنس العمل، فمثلما تفعل بنا نفعل بهم.
إن إيران بلدٌ سهلٌ اختراقه، فهو متعدد القوميات والديانات والمذاهب، يعاني فيه العرب في إقليم الأحواز، وهو إقليم كبيرٌ غنيٌ بالنفط، من عنصرية مقيته حرّمت عليهم حتى تسمية أبنائهم بأسماء عربية! ولدينا أيضاً سُنة إيران والذين يعانون الأمريّن من هذا النظام الطائفي، ولم يسمح لهم ببناء مسجد واحد للسنة في طهران بينما تعج بمعابد اليهود وكنائس المسيحيين، ثم لدينا الشباب الإيراني الغاضب من سياسات حكومته حيث يعيشون فقراً لا يليق بدولة نفطية كبرى مثل إيران، ويتطلعون لمزيد من الحريات حيث تخنقهم ديكتاتورية النظام وإن تلبّسَ بالديموقراطية، كما أن لدينا المهاجرون الإيرانييون وهم بالملايين، ويشتهر عنهم الثراء، فهل هناك أسهل من إختراق مثل هذا البلد وخلق الإضطرابات فيه؟
من جهة أخرى، فكرة أن الغرب عدوٌ لإيران لم تعد منطقية! ما فعلته الولايات المتحدة في دول أمريكا الجنوبية ومناطق كثيرة حول العالم من دعم لإنقلابات عسكرية وتهييج للشارع يؤكد أنها ليست بعاجزة عن فعل ذلك في إيران "لو أرادت" وإيران أسهل من غيرها. في تفجيرات الخبر عام 1996 ثبت لدى الحكومة الأمريكية أن إيران لها يد في تلك التفجيرات، وفقاً لمذكرات رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق "لويس فريد" والتي ذهب ضحيتها 19 جندي أمريكي، ومع ذلك لم تفعل أمريكا شيئاً تجاه ذلك، ولويس فريد في مذكراته يعبر عن غضبه من برود حكومته تجاه ذلك.
أخطاء الماضي من أسباب قوة إيران الحالية، وابتعادنا عن العراق جعلها تحت الإحتلال الإيراني، وهنا نعود لنفس السؤال، هل الولايات عدوة لإيران وهي تسلمها العراق وتسحب قواتها منها وتدعم حكومة موالية تماماً لإيران!
تحاول إيران وبشكل صريح أن تُشيّع من تستطيع لكي تنشئ أُمة شيعية تكون هي قائدتها، لقد كانت ومازالت تبذل وتنفق في مشارق الأرض ومغاربها لنشر المذهب الشيعي، حتى رأينا الأفارقة في أدغال أفريقيا يلطمون في الحسينيات، ولكن المهم ماذا قامت المملكة في المقابل، للأسف أننا تركنا لهم الساحة بعد أن كنا نتسيدها، بل أصبحنا نحاصر العمل الخيري في الخارج ونمنعه.
استحضر الماضي لكي أقول فضلاً لننقذ ما يمكن إنقاذه، ولنتجاهل الغرب في هذه القضية فهم لن ينفعوننا بشيء، لقد تكالبت علينا المصائب من كل جانب، ولو سقطت سوريا بقبضة إيران فهي الطامة الكبرى، وسيكتمل الهلال الشيعي ونحن ننظر ونشجب!
لندعم الأحوازيين وسنة إيران بل وشيعتهم، وكل من لديه نقمة على حكومته. لننشر القنوات الفضائية بالفارسية والعربية لنشر أباطيل معمميهم، ونقدم لهم الإسلام الصحيح، لنوصل بث هذه القنوات لإيران والعراق والخليج وبلاد الشام وبذلك نُبطل أهم أسلحتهم وهي العقيدة. وأخيراً لندعم الثورة السورية فإنها إن نجحت- بفضل الله- ثم بنا كسبنا على كافة المستويات وأهمها على المستوى الداخلي السعودي الذي سيكون ممنون جداً لقيادته على ذلك، وسيضعف ذلك إيران وحزبها، وستعود موازين القوى للتوازن ولو قليلاً.
هذه أُمنيات محب ومشفق على وطنه علّها تصل..!