الثلاثاء، 2 يونيو 2015

تفجيري القديح ومسجد العنود، إخفاق إعلامي آخر!

تختلق الحكومات أحياناً حرباً من نوعٍ ما لتجمع حولها الشعب، ولتستغل الخوف في خلق اصطفاف شعبي خلفها، مثلما فعلت حكومة جورج بوش الابن، وبررت بذلك دخولها لحربين في أفغانستان والعراق، ولكن المستغرب اليوم في المملكة، وفي ظل وجود عدو واحد مشترك وظاهر، قَتَلَ السُني قبل الشيعي، ولم يكن للطائفية أي دور في هذه الاغتيالات أو التفجيرات، والهدف الواضح والصريح هو زعزعة استقرار الوطن، وخلق مشكلة طائفية، وتفريق للصف بهدف الوصول للسلطة، لكن التعاطي الإعلامي الضعيف مع هذه الأزمة لم يجعلنا نستفد من هذه الأحداث في خلق اصطفاف شعبي، ولكن تعالت دعوات من هنا وهناك لنبذ الطائفية، وكأن الخطر الذي يتهددنا داخلي وليس عدواً خارجياً مشتركاً يتمثل في تنظيم "داعش الإرهابي، وهذه للأسف هي اللغة التي تتصدر اليوم الفضائيات السعودية، الرسمية منها وغير الرسمية، بالإضافة للصحافة، بل وحتى على مستوى المثقفين في وسائل التواصل الاجتماعي، وللأسف أن قناة العربية قد طرحت وبكثافة فكرة إنشاء قانون لتجريم الطائفية بعد تفجير القديح، وفي إشارة واضحة بأن تلك التفجيرات نتيجة للطائفية، واستعرضت في أحد برامجها بعضاً مما قاله أحد المتشددين على قناة "وصال" ضد الشيعة، وهذه القناة يصل صداها لكل العالم العربي، وتحظى بمتابعة كبيرة، ونحن نُسّوق للعالم العربي أننا شعب منقسم، وأن تلك الأعمال الإرهابية هي نتيجة للطائفية وليست لإجرام "داعش" واستهدافها لبلاد الحرمين، بينما لو توجه الخطاب وبشكل مباشر إلى أن العدو خارجي ويجب الاصطفاف ضده دون الدخول في الأمور الطائفية التي ترسخ فكرة وجود الطائفية، لخلقنا الاصطفاف الشعبي المطلوب، وساهمنا حتى في علاج قضية الطائفية من خلال خلق قضية مشتركة بين كافة أطياف الشعب وتوجيه الأنظار إلى عدوٍ مشترك، ولعل من المناسب من القائمين على الإعلام والمثقفين المهتمين بمستقبل هذا الوطن التركيز على فكرة أن العدو المشترك هو "داعش" دون الإشارة لا من قريب ولا من بعيد للبعد الطائفي للموضوع، وهذا بكل تأكيد ليس إنكارا لوجود الطائفية، ولكن هذا ليس وقتها ولا مكانها.

دمتم ودام وطننا بخيرٍ وسلام.