السبت، 11 مايو 2013

تتقلب الفتاوى وتستمر الحياة!


* فضلاً قراءة المقال دون تشنجات أو أحكام مسبقة.

تجري الأيام بسرعة، ولا يسابقها هذه السرعة إلا الفتاوى وتقلبها. حينما تتأمل فتاوى التحريم التي لم تستند على أدلة واضحة، وكان أساسها ما "قد" تجر إليه من مفسدة لأدركت مباشرة سبب سقوط تلك الفتاوى بأيدي من أفتوا بها تحديداً.
إذا أردت أن تستعرض تلك التقلبات فيجب أن تعود إلى بداية قيام المملكة العربية السعودية حينما عارض بعض المشائخ السيارات لإعتبارات متعددة، كما عارضوا الراديو والدراجة وبالطبع التلفاز، ثم كان تعليم الفتيات لينتفض المجمتع "غيرة" على محارمهم من الدراسة في مدارس مفصولة. من أفتوا بتحريم تلك الأمور كانوا شيوخ لهم أسم ومكانه في ذلك الزمان. بالتأكيد سقطت كل تلك الفتاوى التي لم تكن تعتمد على قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما اجتهاد من أناس لم يكن لديهم الإدراك الكافي، ولكن كانوا يملكون من الجرأة أن يحرموا ما أحل الله. وغني عن القول أن كل الشعب بما فيهم المشائخ الذين حرموا استفادوا من كل أو بعض ما كان محرماً أعلاه.
القصة هنا لم تنتهي، والزمان يعيد نفسه مراراً وتكراراً بشكل غريب وكأن لا أحد يتعلم من الماضي. بدأت القنوات الفضائية وانتشرت الأطباق اللاقطة أو (الدشوش) فما كان من علماء ذلك العصر إلى التسابق لتحريمها بل وصل حال بعضهم وفي خطبة الجمعة بأن يصف من يركب تلك الأطباق في بيته بالديوث! خطابات متشنجه ودعوة لله كلها غلظة. ثم جاء بعد ذلك جوال الكاميرة والذي سبب ارتباك لدى البعض خوفاً من تصوير نسائهم، وكان القرار الأسهل لدى وزارة الداخلية "درء" للمفاسد أن منعت جوال الكاميرة. بالطبع أنه غني عن القول الآن أن كثير من كبار المشائخ يتصدرون الفضائيات بل وفي قنوات اشتهر عنها نشر الفساد، ويحملون جوالات حديثة فيها كميرات.
وهذا أيضاً يعيدني لفتاوى تحريم التصوير ثم بعد ذلك يكتشفون أن التصوير الذي نقوم به الآن ليس هو المُحرّم لأنه عبارة عن حبس الظل وليس محاولة لتقليد خلق الله مثله مثل المرآة. وجولة في تويتر تجد فيها صور كبار المشائخ الذين كانوا يحرمون التصوير يوما.
بعدها جائتنا طامة بطاقات الهوية الوطنية للمرأة، حيث غضب بعض العلماء لكشف ستر محارمنا، وبالرغم أن الفتيات صورهن في بطاقات الجامعة وفي الجوازات إلا أن بطاقة الهوية الوطنية كانت بنظرهم مختلفة، ولاحقا نجدهم لا يمانعون بها، وتستمر الحياة!
قضية قيادة المرأة للسيارة هي القديمة الجديدة والتي لم تنتهي بعد وستنتهي بنفس الأحداث أعلاه، واليوم لدينا مناقشات حادة حول إضافة حصص الرياضة لمدارس البنات، ويستمر الرفض لكل ما هو جديد وخصوصاً إذا كان يخص المرأة، والسبب ما قد يجر وراءه من مصائب.
الأكيد أن أحد أكبر مشاكلنا على الإطلاق هو الخوف من ما قد يأتي وراءه، وأعتقد أنها حيلة الضعفاء، فبدلاء من تحريم الدشوش لماذا لا يُحرم التلفاز نفسه وهو ما يعرض ما يحضره الدش أو تحريم الفديو؟! ألم يكن أولى من تلك الخطابات التنفيرية أن يتم التركيز على رفع الوازع الديني لدى المتلقي بدلاً من أسلوب التحريم الذي لا يجدي؟!
جوال الكميرة وجِدَ له حل بسيط بمنعه من دخول قاعات الزواج، ألم يكن هذا الحل البسيط أفضل من منع الجوال نفسه؟!
من يحرمون قيادة المرأة لماذا لا يناقشون أهمية إعادة تأهيل النظام المروري لقيادة المرأة بدلاً من الفوضى المرورية التي نعيشها اليوم بدون قيادتهن والذي سيحدث بالتأكيد مشاكل أكبر في حال قادنَّ.
من يتحدثون عن رياضة الفتيات لماذا لا يركزون جهدهم على إصلاح التعليم ككل وإقالة وزير التربية والتعليم الذي أثبت فشله في إدارة دفة التعليم بدلاً من تشتيت الجهود في الحديث عن قضايا جانبية لا تزيدنا إلا تفرقاً وتصب في مصلحة جهة واحدة فقط لا غير.
ألم يأن الآوان يا مجتمعنا الكريم أن نستفيد من الأحداث التي مررنا بها.