الاثنين، 17 سبتمبر 2012

محاضرتي والفيلم المسيء


بدأت محاضرتي، والتي كانت بعد يومٍ واحدٍ من مقتل السفير الأمريكي في ليبيا، بمناقشة ذلك الحدث، مادتنا بالأصل عن الرئاسة الأمريكية، ومحور النقاش كان عن تأثير ذلك الحدث على حظوظ مرشحي الرئاسة في الإنتخابات الأمريكية القادمة، ولكن الحديث بالتأكيد تشعب ليغطي كل الجوانب، فضلت أولاً سماع وجهات نظر زملائي الطلاب، والتي كانت في مجملها متزنه، ثم تحدثوا عن الفيلم المسيء والذي كان سبباً في كل ذلك، سأل الدكتور عن فحوى الفيلم فهو لم يشاهده، ووصفه بعض من من شاهده بأنه فيلم سخيف وبدائي، ويحاول تصوير الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بأبشع الصفات، لفت نظري وأعجبني أن الطلاب استخدموا لفظ "النبي محمد" وليس فقط "محمد" حين ذِكرهم له صلى الله عليه وسلم، لا أعلم هل هي مجاملة لي، أم أنهم كانوا سيقولونها كذلك حتى لو لم أكن موجوداً، لم يكن الجميع قد شاهدوا الفيلم، لذلك طلب بعضهم من الدكتور أن يشاهدوه ليحكموا بأنفسهم، بدأ الدكتور يبحث عن الفيلم في اليوتيوب ووجده، حينها أردت تسجيل موقف، واستأذنت في الخروج لأني لااستطيع مشاهدة هذا الفيلم الذي ينتقص من نبينا الكريم، قال لي الدكتور أنه يتفهم تماماً موقفي، وقد بدت عليه علامات الإرتباك والتردد في عرضه، عموماً غادرت القاعة، وما هي إلا دقيقة وأجده يدعوني للدخول لأنه ألغى فكرة عرضه بعد أن شاهد أولى الثواني، وقال هذا فيلم وقح لا يمكن أن أعرضه في محاضرتي. منذ اللحظة الأولى لدخولي القاعة وأنا أحس أن الجميع ينتظر تعليقي، فأنا المسلم الوحيد في القاعة، وخروجي بسبب عرض الفيلم أثار مزيد من الإهتمام بالموضوع، حينها طلبت التعليق وأخبرتهم أولاً أن الإسلام يدين العنف بجميع أشكاله، ولم يكن يوماً الإسلام دين عنف، ولكنه دين سلامٍ واحترام، وأكدت لهم أن عقلاء المسلمين يرفضون ما حدث من عنف في ليبيا أدى لمقتل السفير هناك، ثم أننا حتى الآن لانعلم من قام بهذا العمل، والتحقيقات مازالت جاريه، وقد يكون الحادث كله مدبراً من جهات تحاول إسقاط النظام الجديد في ليبيا وزعزعة استقرارها، أو الإنتقام من الولايات المتحدة. ثم إنه لم يعد من المنطق أو العقل أن يقال أن هذه الإساءات المتتالية للإسلام تدخل ضمن حرية التعبير عن الرأي! تتوقف حريتك حينما تؤذي مشاعر الغير، هل يعقل أن 1.5 مليار مسلم تؤذى مشاعرهم تحت مبدأ حرية الرأي! ثم كيف يعتبر التشكيك "مجرد التشكيك" في الهولكوست (محرقة اليهود التي تمت على يد هتلر) جريمة يعاقب عليها القانون، بينما يهان دينٌ كاملٌ من خلال التعرض لنبيه أو كتابه، ويسمى ذلك حرية رأي! إن هذا هو منبع الإرهاب حقاً، ومع تزايد هذه الأحداث سيكون هناك ردود فعل عنيفة، وسيزيد الإحتقان ضد الغرب وأمريكا تحديداً، فالوقت قد حان لأن يصبح التعرض للأديان والأنبياء جريمة يعاقب عليها القانون، وفي نهاية المحاضرة تقدم الدكتور لي بإعتذار شديد، وقال ماكان يجب أن أفكر مجرد تفكير بعرض الفيلم دون مشاهدته أولاً.
الذهنية الغربية عموماً لا تستطيع أن تستوعب ردود الأفعال هذه، فبمجرد أن يتم التعرض لنبينا الكريم ينتفض العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه من أجل رجلٍ توفي من 14 قرناً! هم يقيسونها على أنفسهم، فعيسى عليه السلام يصور كل يوم في مسلسلاتهم الكوميدية بأشكال وصور لا تليق البته، ومع ذلك لايغضب أحد، علماً أنه عليه السلام بالنسبة لهم هو إله وليس فقط نبي!
بقي أن أقول أن دورنا كمبتعثين تحديداً هو توضح حقيقة الإسلام والذب عن رسولنا الكريم بما نستطيع، وهناك فرص كبيرة لذلك، ومثل هذه الأحداث تفتح التساؤلات حول ما هية الإسلام والرسول عليه الصلاة والسلام، والقرآن، ومما شاهدت وعايشت أنهم شعب يتقبل التوضيح، ويجهل الكثير الكثير عن الإسلام.. بل إني احتاج أحياناً لشرح ماهو القرآن، فبعضهم لا يعلم أن القرآن هو الكتاب المقدس للمسلمين، ولديهم وسائل إعلام مؤثرة تقتات على تشويه صورة الإسلام وربطه بالإرهاب!

ليست هناك تعليقات: